السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قضية ,,
هناك بعض المفاهيم الراسخة في أذهاننا، نحن العرب، والتي لا تتغير على اختلاف العصور والأزمان، ربما لأنها من المسلمات أو لأننا لا نعطيها أي أهمية تذكر، لذا تبقى بعض الصور كما هي لا تتخلخل ولا تتطور. من هذه الصور النمطية صورة "الحماة" تلك المرأة المتهمة دائما بالقوة والتسلط والأنانية المفرطة، والتي تفرض دائما أن هناك عنقاء قد أتت من حيث لا تدري كي تنتزع منها ابنها. لذا مازالت هناك الكثير من الفتيات يقبلن على الحياة الزوجية وفي أعماقهن خوف مما ستحاول الحماة فعله كي تفسد عليهن حياتهن، باختصار تتزوج بعض الفتيات وفي مخيلتهن أن هناك حقل ألغام ينتظرنهن وعليهن السير عليه. وعلى الرغم من أن ظروف العصر قد اختلفت كثيرا ما بين الأمس واليوم، إلا أن تفاصيل أم الزوج هي نفسها في عقولنا بكل تفاصيل الصراع الخفي الذي لابد وأن يدور حول محور الزوج الابن؟ وفي المقابل نجد صورة أفضل بكثير لأم الزوجة لأنها عادة لا ترغب في أن تتسبب في مشاكل طمعا في أن يحسن الزوج معاملة ابنتها، وتحسبا من ردة فعل زوج ابنتها التي قد تصل إلى حد الطلاق.
وحتى لا نحيد عن الصواب، ربما علينا الاعتراف أن جزءا من هذه الصورة قد رسمتها المرأة الأم بنفسها عبر العصور، بتحولها بين ليلة وضحاها من إنسانة حنونة مضحية ومتفانية من أجل الابن الحبيب إلى شخصية أنانية مثيرة للضجر دون أية حسابات نفسية لعواقب تصرفاتها وانعكاساتها على حياة أبنها نفسه. وكأن الأم تريد أن تثبت، بوعي أو بدون، أنها الشخص الأول والأوحد في حياة أبنها، وأنها لن تقبل بسهولة أن تشاركها أخرى فيه، على الجاهز، وكأن المفترض أن تشاركها الفتاة عناء التربية والرعاية للابن ثم تتزوجه فيما بعد. الأعجب هذه الحماة قد ضاقت يوما ما بحماتها من ذات الممارسات التي تفننت فيها.
غير أن هذا الوضع قد اختلف كثيرا الآن نظرا لاختلاف نمط العصر. فجزء كبير من الحموات صرن متعلمات ومشغولات إما بعمل أو مشاركة اجتماعية أو حتى بالتواصل مع العالم عبر الفضائيات المفتوحة مما يجعلن أكثر انفتاحا وتفهما حتى أنه لم تعد هناك حواجز نفسية كثيرة بينها وبين زوجة ابنها. المشكلة الحقيقية أن هذه الحماة التي تغيرت فعلا، لازالت تصطدم بثقافتنا التقليدية التي تعبر عن موروث مشوه ولا يتغير بتغير العصر، وبكل ما يحمله في طياته من أمثال شعبية وأقوال مأثورة تجعل الحماة أشبه ما تكون بالساحرات الشريرات في الحكايات الأسطورية
موضوع مفتوح للنقاش ,,,